رواية ارناط الفصل الخامس عشر 15
![]() |
رواية ارناط الفصل الخامس عشر |
«البارت 15من روايه ارنــاط»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلــة كانت مشبعــة بالنـ ـار المكبــوتة…
والشـــك المسمـــ ــوم…!
سحر دخلت الأوضة، وهي بتكتم الغليان في صدرها
وشافت عبد الحميد واقف قدام المراية
بيرش برفانه الغالي، ويدندن بصوت ناعم:
ــ جانا الهوى... جانا...!
وقفز الشك جواها، زي لهب بيكبر كل ثانية...
كلام راهب بيرن في ودنها:
ــ الباشا ناوي غيرك…
قربت منه بابتسامة باردة تخبي الإعصار اللي جواها:
ــ انت…خارج ياحبيبي؟
عبد الحميد بص لها من فوق لتحت…
من غير ولا قطرة حنين…
وقال ببرود وهو بيعدل الكرافتة:
ــ أيوا… عندي اجتماع مهم…!
سحر قربت أكتر، صوتها ناعم بس خيط الغيرة فيه واضح:
ــ مع مين بقى الاجتماع المهم ده؟
هو مش أنا… شريكتك؟ لازم أعرف كل حاجة…
عبد الحميد شد نفس عميق، وبعدها بص بعيد وقال:
ــ الشغل ده ما يخصكيش…!
وخطى ناحية الباب، بيقفل قلبه قبل ما يقفل الأوضة،لكن سحر لعبت آخر كارت...
فجأة، وقعت على الأرض، كأن اغمى عليها…؟
عبد الحميد اتفاجئ، رجع جري عليها:
ــ سحر! مالك؟ فوقي! سحر!
فتحت عينيها ببطء، ونطقت بكلمة زلزلت الدنيا تحته:
ــ أنا... حامل…!
اتسعت عينين عبد الحميد، وكأن الزمن وقف:
ــ إيه؟ حامل؟ إزاي يعني؟!
سحر تمثلت البراءة، صوتها ناعم ومكســ ـور:
ــ يعني إيه إزاي؟ حامل... منك. هتكون أب يا حبيبي...!
عبد الحميد اتراجع خطوة…
وكأن ضـ ـربته رصــ ـاصة:
ــ لا... لا! مستحيل ده يكون ابني؟!
سحر بضعف مصطنع، وعينين فيها دموع:
ــ إنت بتقول إيه يا عبد الحميد؟!
دي الفرحة اللي كنت بستناها منك...
ليه بتكســ ــرني كده؟
وقف لحظة، سكوته كان أفظع من الكلام...
وبعدها، قالها وهو بيشد جزمته:
ــ لما أرجع... هنتكلم…!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان راهب واقف في وسط الحديقة الخلفية للفيلا… تحت ضوء خافت ينبعث من المصابيح…
تحيط به الأشجار الكثيفة كأنها جدران صامتة… تحبس أنفاسه…أمسك بهاتفه بشدة…
وصوته منخفض لكنه مرتجف:
ــ قدرت توصل لـ ليلي؟
جاءه الصوت من الطرف الآخر…
هادئا لكن يحمل شيئا من التوتر:
ــ لا... مفيش ليها أي أثر…
كأنها تبخرت…!
شهق راهب، وصوته اهتز من الخوف:
ــ ممكن يكونوا وصلوا لها...؟
الطرف الآخر بحذر:
ــ ما أظنش... لو كانوا لقوها، كنت عرفت…
كانت هتسيب وراها علامة... د،م مثلا …
شقه متبهدله… لكن ما فيش اي حاجه من دي…!
راهب لف حوالين نفسه كأن الأرض ضاقت به…
وصــ ـرخ وهو يضغط على الهاتف:
ــ طيب هتكون راحت فين؟ مش معقول!
الارض اتشقت وبلعتها!؟
الطرف الآخر:
ــ يمكن غيروا مكانهم تاني... من يوم الحــ ـادثة وهم كل شوية يغيروا. ما بيثبتوش في مكان…!
صوت راهب ارتفع، فيه مزيج من الرجاء والتهديد:
ــ اتصرف بأي طريقة... لاقي ليلي بسرعة…
قبل ما يوصلوا لها…!
الطرف الآخر بحزم:
ــ أنا هقلب هولندا عليها، وهلاقيها…
و أول ما أوصلها، هطمنك…!
أغلق راهب المكالمة ببطء…
ووقف للحظة كأن الهواء حوله صار أثقل.
همس لنفسه، والقلق ينهش صوته:
ــ هستنى…ما قداميش حل تاني …غير اني استنى!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صباح اليوم التالي، فتحت ليلى عينيها بتعب… شديد، شعور بالدوار يسكن رأسها. التفتت بجانبها… فوجدت عالية نائمة على السرير نفسه، كأنهم لم… يتحركا منذ البارحة…!
ليلي هزتها بخوف:
ــ عالية...عالية…فوقي... إحنا فين؟
فتحت عالية عينيها ببطء…
وبصوت متهدج من التعب قالت:
ــ مش عارفة... هو إيه اللي حصل؟
اتسعت عينا ليلى فجأة…
وارتفعت بجذعها تتلفت حولها بلهفة:
ــ شادي! فين شادي؟! ابني فين؟!
نظرت عالية حولها، ثم نهضت مذعورة:
ــ مش هنا... مش في الأوضة!
ركضوا نحو الباب وفتحاه بسرعة…
تتقاطع أنفاسهم وهما يبحثان في الممرات…!
وفجأة، ظهرت فتاة شابة بملابس خادمة
تحمل صينية فارغة وابتسامة هادئة:
ــ صباح الخير يا هوانم.
صـ ـرخت ليلى بفزع:
ــ شادي فين؟! فين ابني؟ اتكلمي!
أمسكت عالية بذراعها تهدئها:
ــ اهدي يا ليلى، يمكن معاهم...
لكن ليلى لم تتمالك دموعها:
ــ اهدى؟! أخدوا ابني من حضني!
اتكلمي فين ابني…
أشارت الخادمة بيدها نحو غرفة في آخر الممر:
ــ الطفل نايم جوه..!
تبادلتا النظرات، ثم ركضتا نحو الغرفة…
فتحت ليلى الباب بسرعة، لترى شادي نائما في… سريره، يتنفس بهدوء ووجهه الصغير غارق في… سلام…!
احتضنته بقوة كأنها تحميه من عالم بأكمله:
ــ يا حبيبي... يا روحي…انت... الحمد لله...!
عالية قبلت جبينه، ثم تمتمت:
ــ الحمد لله إنه بخير...!
رفعت ليلى عينيها إليها:
ــ بس إحنا فين؟ مين جابنا هنا؟
دخلت الخادمة مجددا بابتسامة مطمئنة:
ــ حضراتكم في المعادي... هجهز لكم الفطار حالا…
تبادلت ليلى وعالية نظرة صـ ـدمة…
ثم جاء صوتهم خافت من بعيد:
ــ مصر...!؟
همست عالية بدهشة:
ــ يعني إحنا رجعنا مصر؟! بس... إزاي؟
كانت ليلى لا تزال في حالة ذهول:
ــ مبارح كنا في هولندا... النهاردة إحنا هنا؟
في مصر… مين اللي رجعنا؟ وليه؟
اقتربت عالية من الشباك، تطل بحذر، فلاحظت …
أن كل شيء طبيعي. لا حراس…
لا أبواب مغلقة…لا كاميرات مراقبه:
ــ ليلى، مفيش حاجة بتدل على إننا محتجزين...
ده بيت عادي جدا...!
ليلى وضعت شادي بلطف في سريره:
ــ تعالي ننزل... نسأل البنت اللي تحت…
يمكن نعرف منها حاجة…!
نزلا إلى الطابق السفلي. وجدا الإفطار معدا بعناية على السفرة، لكن الخادمة اختفت تماما…!
سألت عالية:
ــ هي راحت فين؟
اقتربت ليلى من الطاولة، فلاحظت ظرفا صغيرا… بجانب طبق الفاكهة. فتحته ببطء، وقرأت بصوت… مرتجف:
ــ لو خايفة على ابنك، ما تفكريش ترجعي هولندا تاني... حياة ابنك في خطـ ـر هناك…
ــ إيه دا؟!
قالت عالية وهي تمسك بالورقة…!
سلمتها ليلى الورقة وجلست تفكر بعمق:
ــ في حد رجعنا عشان يحمينا... بس مين؟ وليه؟
قالت عالية بتردد:
ــ كل حاجتنا هنا... هدومنا، الفلوس…
حتى الموبايلات...
يعني مش خطف بالمعنى المعروف...!
وقفت ليلى فجأة، نظرتها حاسمة:
ــ بغض النظر مين ورا دا كله...
احنا مش هينفع نثق في اي حد…
لازم نمشي من هنا... فورا…
أومأت عالية بصمت، وبدأتا بجمع حاجات بسيطة… فقط ما يمكن حمله بسهولة…
لم يتجرؤا على لمس الطعام…
وكأن الطمأنينة فيه تحمل سـ ــم خفيا…؟
فتحت ليلى الباب الخارجي بحذر…
الهواء الصباحي في المعادي…
ضـ ـرب وجهيهم بدفء غريب... لا وجود حراس…!
همست عالية:
ــ غريبة... مفيش حد بيراقبنا؟
قالت ليلى دون أن تلتفت:
ــ هو ده اللي مخوفني أكتر…؟!
نزلا درجات السلم بسرعة، وكل خطوة تقربهم من… الشارع كانت كأنها تقطع خيطا من شباك العنكبوت…
وهم على وشك عبور الرصيف، لمحت عالية سيارة سوداء متوقفة على جانب الطريق أمام البيت:
ــ ليلى… بصي هناك…
ليلي اقتربت بحذر. السيارة نظيفة، لامعة بشكل… لافت، كأنها وضعت هناك للتو. ليلى مدت يدها… وفتحت الباب الأمامي… لم يكن مغلق…
على الكرسي، وجده المفتاح في مكانه…
وبجواره ورقة مطوية بعناية…!
فتحتها ليلى، وقرأت بصوت مبحوح:
ــ أنتم مش مخطوفين… أنتم أحرار…!
تبادلت نظرة مشوشة مع عالية، ثم دخلتا السيارة… ببطء، كأنهم تنتظران أن تصـ ـرخ بهم السماء أو… ينقض عليهم أحد. لكن… لا شيء. الشارع كما هو… البيت صامت. والرسالة الأخيرة لا تحمل تهديدا… فقط حرية مشروطة بالخوف…!!
أدارت ليلى المحرك…
وصوت السيارة اشتغل بهدوء غريب…
كأنه ينتظرهم…!
قالت عالية وهي تربط حزام الأمان:
ــ لو كنا أحرار بجد…
ليه بحس إننا لسه جوه لعبة كبيرة؟
همست ليلى، وعينيها على الطريق:
ــ علشان أحيانا…
السجن بيكون أوسع من أربعة حيطان…!؟
وانطلقت السيارة… وتركت وراءها بيت ما زال أسراره تخفي أكثر مما تفصح…!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#روايه_ارنــاط
#الكاتبه_حور_طه
صلي على الحبيب 💙
تابع الفصل التالى من هنا (رواية ارناط الفصل السادس عشر 16 بقلم حور طه)
لقراءة جميع فصول الرواية من هنا (رواية ارناط كاملة (جميع الفصول) بقلم حور طه)
اهلا بك